منذ
زواجهما ومركب العمر يسير بهما سيراً هادئاً.. في بحر بلا أمواج.. وصخور
وعواصف.. حتى طرقت الباب.. جارتهما في الشقة المقابلة.. فهي عروس جديدة
مثلها.. الأزواج في عملهما
منذ
زواجهما ومركب العمر يسير بهما سيراً هادئاً.. في بحر بلا أمواج.. وصخور
وعواصف.. حتى طرقت الباب.. جارتهما في الشقة المقابلة.. فهي عروس جديدة
مثلها.. الأزواج في عملهما نهاراً.. والنميمة والثرثرة من نصيب الزوجات..
أصبحت في وقت وجيز الصديقة المقربة.. تمتثل لنصائحها.. أشارت عليها يوماً..
بالصندوق السحري (الكمبيوتر) لكسر حدة الرتابة والملل.. لديه القدرة
المدهشة على زحزحة الهم بعيداً.. وقتل الوقت.. في دردشة وجروبات من باب
التسلية.
استسلمت لوقدة الحلم.. وفعل معها ما فعلته النداهة ببطلة رواية
يوسف إدريس انتقل بها على عوالم ودروب ومنعطفات مدهشة.. لم ترها من قبل..
كان
الزمن بخيلاً بها.. حين أطلعها فقط على الجانب المتوهج.. والمتع القصيرة
الزائلة.. كانت معصوبة العينين.. وهي مستمتعة بالثلاثيني صاحب الصورة
الجميلة الذي لم يسبق له الزواج.. مهندس لديه مكتب للمقاولات.. يخشى إقامة
علاقة مع امرأة يحدوها الفشل.. وحيد أسرته.. صادق لم يخف حقيقته ولا
صورته.. كما تفعل هي.. وتحرص على أن لا يشاهد صورتها التي طلبها أكثر من
مرة.. كلماته عذبة.. سلسة.. يتحدث عن العلاقات الإنسانية بين الناس التي
تباعدت.. وتفكك الأسر.. وغدر الأصحاب.. ارتاحت لكلماته المنتقاة بعناية
فائقة.. أخفت عنه زواجها.. عملاً بنصيحة صديقتها.. التي علمتها كيف تخفي
حقيقتها.. وكيف تتدلل.. تقترب وتبتعد.. وتعيش حياتها بعيداً عن الرتابة
والملل.. بمرور الوقت شبت النيرات في صداقتهما وحولتها إلى حب يصعب
إطفاءه.. ويكبر كشجر اللبلاب.. يتابعان نموه في شوق ممزوج باللهفة
والحميمية.. رسمت له خريطة بيانية.. تضمنت طولها..وزنها.. سنها.. ولم تغفل
تفاصيل التفاصيل.
زوجها مشغول بصعود وانخفاض الأسهم بالبورصة.. مستخدماً شبكة الإنترنت عن طريق حاسبه الشخصي الذي لا يفارقه..
كان
لابد لمركب العمر.. أن يصطدم بالموج والصخر.. حين قررت أن تلتقي بحبيبها
بعد إلحاح منه.. وتردد منها.. كان اللقاء في إحدى الكافيهات.. أخبرته بأنها
سترتدي ثوباً أحمر في لون الزهور.. حقيبتها بنية اللون.. صدمة مفاجأة..
حين وجدت نفسها أمام زوجها.. الذي أرضى لها حبل الوداد والأشواق المتوهجة..
والكلمات الدافئة.. وصورته الزائفة.. بعد أن سجل لها تفاصيل التفاصيل..
التي أفقدتها النطق.