يحكى
أن شابا وقع في حب فتاة غادرت القرية لأسباب مجهولة، عاش بعدها حزنا شديدا
جعله طريح الفراش وأفقده شهيته عن الطعام. سمع حكيم كان يسكن في أقصى
القرية بقصة هذا الفتى فأرسل إليه رسولا قال له: يقرؤك الشيخ صالح السلام
ويسألك: هل شاهدت امرأة تلد؟.. استنكر الفتى السؤال وأجابه بالنفي .. ظل
الرسول يزوره كل يوم ويسأله نفس السؤال ويجيب الفتى بالنفي، حتى أدرك
المغزى والتفت لشؤون حياته.
إن
المرأة حين تعيش أصعب لحظات الألم يخرج من رحمها روح جديدة، وكما يقال من
رحم المعاناة تولد المعجزات، فلطالما كان الحزن ملازما للإنجاز.
فعندما
حزن الإمبراطور شاه جهان على وفاة زوجته بنى أحد عجائب الدنيا السبع، حوّل
حزنه إلى معلم من أجمل المعالم السياحية، حوله إلى تاج محل، تخليدا
لذكراها وتخليدا لاسمه أيضا.
حسنا،
فما بالك لو كان الحزن أنتِ والفرح أنتِ والألم أنتِ والإنجاز أنتِ وكل شي
أنتِ .. فأين المفر منكِ؟ وكيف أفر منكِ وأنتِ الفرح ؟ فهل يفر المرء من
فرحه؟.
حوّلي
حزنك إلى شيء يذكرك فيني .. شيء يجعلك تقولين "لو كنت معي لفرحت بما
أنجزته". فالغوص في بحر الأحزان والآلام لن يوصلك إلى شاطيء الفرح والرضى،
ستظلين تفكرين بحزنك وبألمك؟ ثم ماذا؟ .. تموتين ببطء.
ألم يمت مجنون ليلى ببطء؟
وهل مات قيس بن الملوح في داره وحيدا؟ لم يدر عن قصة حبه أحد؟
مات كما يقال في الصحراء صحيح ولكن ألم يقل الشعر؟
حول حزنه
إلى شعر، حتى عندما أتاه الشيخ وأنشد له شعرا لقيس بن ذريح قال له مجنون
ليلى لقد أحسَنَ والله ذلك الشاعر ولكنّي قلتُ شعرا أحسن منه .. أرأيت كيف
كان يتباهى بشعره؟.
للآلام ثمرات وإحدى ثمارها أن تحوليها إلى إنجازات .. بقدر الألم انجزي
فليس من المعقول أن تتخذي من عزلتك متكأ وتجلسين في ظلام دامس
تجرين المآسي وتتذكرين كم تعبت في حياتك وكم عانيت
أتظنين أني سأنطوي على نفسي حزنا على فراقك؟
أخشى ذلك ..
لا تخافي، فقد علمني فراقك أن للحزن لذة ولذته أنتِ، وأنتِ يعني أن ما أنجزه سيدخل الفرح على روحك وعندما تفرح روحك أفرح أنا.